«غيرة» قصة قصيرة للكاتب محمد محمود غدية

الكاتب محمد محمود غدية
الكاتب محمد محمود غدية

ثمة أشياء نشعر بها، لكننا نعجز عن الإفصاح عنها، وتفشل قدرتنا على التعبير، غالبا ما تكون هذه الأشياء متجسدة في حبنا لشخص بعينه، خاصة عندما يطمئنك وجوده، ليرسخ خطواتك ويحيل حياتك، إلى بساتين من البهجة، ممزوجة بالخوف والقلق، من أشياء نتخيلها، في الأغلب لا وجود لها، لكنها تظل حاضرة في مخيلتنا.

نجحت في تحويل راداراته نحوها، اختصرت كثير من النساء في جمالها ورقتها، أحرقته على مشواة الانتظار وسفود الصدود حتى تزوجها، وأثمر زواجهما عن طفلة، لا تقل جمالاً عن أمها.

 

قصص الأصدقاء والأهل وفشل كثير من الزيجات، أشعره بالخوف من انتظار طارئ أكثر إيلاما من وقوعه، دمرته الغيرة وأحرقه الخوف والشك، وكيف لا وهي الجميلة الساحرة والباهرة الزاهرة،

يراقب هاتفها خلسة لم يجد به شيئاً يبعث على الريبة، تنهشه الأسئلة: ماذا تفعل وحدها في المنزل والصغيرة في المدرسة؟

الغيرة.. أشبه بنصل سكين حاد يمزقه، منعها من زيارة أسرتها مما أغضب الزوجة التي كانت تلح في رؤية أمها المريضة، والموشكة على الموت، نادرا ما يصحبها لرؤية أمها في زيارات متباعدة، تحب زوجها وتحب أمها أيضاً، تداهمنا الأحزان التي كثيرا ما نشارك في صناعتها وتذكيتها.

 

الغيرة مطلوبة لكن ليس إلى حد الشك المريب والمدمر، الذي جعله يهاتفها كل يوم، وحتى يتأكد من وجودها في المنزل، يطلب منها

 أن تسمعه صوت الخلاط الذي يزأر بصوت جهوري غير عادى عند تشغيله، يوميا يهاتفها وتسمعه زئير صوت الخلاط.

هل كلما ازداد حبنا تضاعف خوفنا...؟

ذات يوم شعر بالتعب والإعياء في العمل، فاستأذن في أجازه نصف يوم لم يجد الزوجة في البيت، وجد الطفلة تكتب دروسها، سألها عن والدتها...؟

أجابته: أن والدتها ذهبت إلى جدتها مثل كل يوم، وأخذت الخلاط معها.